الميثالوجيا السومرية تصور انكيدو على ان له شخصية برية. سلوكه البري يجري تدجينة من قبل شامهات، Shamhat. بعد ذلك يرافق جلجامش في مغامراته والى موته في ملحمة جلجامش الشهيرة. في الكتابات الاقدم يجري ذكره بأسماء اخرى مثل: Enkimdu, Eabani, Enkit وفي بداية الملحمة يظهر انكيدو شخصية متوحشة اذ تقول: "كل جسمه يغطيه الشعر، و.كالمرأة، او شعر ربة الزرع. وفوق ذلك لا يفهم شيء من معلومات الحضر او بداية البشر وكان يلبس الجلد وكأنه راعي قطيع".
انكيدو عاش مع الحيوانات في الحقول. كان يقوم بحماية الوحوش، ويخرب مصائد الصيادين، ويحوم قرب مصادر المياه للاطمئنان. هذا السلوك كان يزعج الصيادين في المنطقة، الى درجة أنهم اشتكوا عند الاله جلجامش طلبا للمساعدة. جلجامش يقدم لهم نصيحة: " أيها الصيادين ارجعوا الى سهولكم، وخذوا معكم امرأة عاهرة وطفل مرح، فهو سيقع في حبها، واللعب في السهول سيتركه".
الصيادين عملوا بنصيحة جلجامش واستأجروا العاهرة شامهات، لإغراء الرجل المتوحش. انكيدو وقع على الفور بغرامها وعلى مدى ستة أيام كان لا يغادرها. الحيوانات أصبحت تتفادى الاقتراب منه، فالروابط بينهم أصبحت تتقطع.
الان أصبح هو الذي يبعد الذئاب ويطارد الأسود،
لقد أصبح حارسا عند الصيادين. بعد انقطاع الإخوة بينه وبين الحيوانات، أصبح الان يعيش
حياة جديدة، يعتاش من الصيادين والرعاة والصيد من الحيوانات التي كان في السابق يخدمها.
في النهاية تصبح الحياة الروتينية تقض مضجعه، انه يبحث عن مغامرات وتحديات. شامهات
تخبره بوجود ملك عظيم في اوروك (جلجامش)، وتقول له ان هذا الملك سيكون متحدي كفء لانكيدو.
جلجامش يندهش من قوة انكيدو. أنهم يتصارعان طويلا الى ان يقوم جلجامش برمي انكيدو أرضا،
الهزيمة تجعله يهنئ جلجامش ويقسم له يمين الولاء. في بقية الملحمة يعيشون كالعشاق،
حسب بعض التفسيرات.
انكيدو يساعد جلجامش في صراعه ضد هومبابا
الحارس الخرافي لبوابة غابة سيدار. على عكس مانعرفه عن ضمير انكيدو، نجد انه يتعاون
لقتل هومبابا المهزوم. بعد ذلك يقوم مرة اخرى بمساعدة جلجامش في قتل إله السماء بول،
الذي أرسلته الآلهة للثأر من جلجامش. الربة عشتار طالبت بأن عليهم التعويض عن ما أرتكبوه، شاماش يسأل بقية الالهة ان يرحموهم ويبقوهم على الحياة، ولكنه نجح في انقاذ جلجامش
فقط.
القضاء اللاهي توصل الى ان انكيدو لم تكن لديه الصلاحيات لمصارعة اله السماء بول، وما فعله كان تتدخل في صلاحيات الآلهة. انكيدو يصيبه مرض قاسي، ولكن على فراش الموت يظهر له رؤية عن الحياة المعتمة القادمة، ويلعن الصيادين والعاهرة الذي جعلوه يتحضر، والذي أوصلوه الى استحقاقه لعقوبة الآلهة.
جلجامش يجثو على جثة صديقه ويرثيه لبضعة
أيام، الملحمة تذكر لنا ان جلجامش يقوم بدفن صديقه بعد ان تخرج الدودة من انفه. رؤية
جلجامش لجسد صديقه وهو يصبح طعاما للديدان يجعله يبدأ سفرته بحثا عن الخلود ليصل الى
توجد صفحة طينية اخرى عن رحلات انكيدو في العالم الأسفل، ولكن العديد من الباحثين يعتقدون
ان هذه الصفيحة هي حلقة لاحقة جرى إضافتها الى الملحمة الأصلية.
تحليل تاريخي :
ملحمة جلجامش تلقي الضوء على التحول التاريخي
من حياة البراري الى حياة الحضر، والى ظهور مشاعر التفوق لدى سكان الحضر على سكان البراري.
في نفس الوقت تلقي الضوء على غنى الحياة الطبيعية لمنطقة بلاد الرافدين وقرب عهدها
بالبراري، والأمر الذي يجعلنا نفهم أكثر مبررات الميثالوجيا السومرية وأسباب تنوع أوجه
آلهتها، وممالكهم. ان المنطقة تتحول من الحياة البرية المنعزلة الى نشوء مدن حضرية
مترابطة المصالح. من ناحية اخرى، تظهر كيف ان التحضر مرتبط بالذاتية، وبنشوء السعي
الى المصالح الخاصة والملكية، التي تخلق الأخلاق والموبقات.
المراجع : كتاب سومر أسرار السماء والأرض - د. خزعل الماجدي
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي مركز كابارا الثقافي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق