أينليل كان اعلى الاسماء الالهية في الديانة البابلية، ويمكن ان نجده في بعض الترجمات بلام مضاعفة Ellil نقلا عن الاكدية المتاخرة، والكلمة في الاصل من السومرية ويعتقد انها تعني إله الرياح، مع ان الترجمة الحرفية لها تعني " السيد القائد"، واينليل يمكن اعتباره إله الريح، او إله منطقة (مملكة الهواء) المحصورة مابين السماء والارض، على اعتبار ان السماء في تصورات الانسان هي منطقة ملموسة، والمنطقة التي يوجد فيها هواء هي منطقة فاصلة مابين السماء الزرقاء والارض الصلبة، كذلك عندما كان انليل لازال يافعا جرى نفيه من موطن الالهة Dilmun، الى كور في مملكة باطن الارض، لكونه قام بإغتصاب فتاة المسماة Ninlil، ولكن نينليل لحقت به الى اسفل الارض، حيث ولدت ابنهم إله القمر Sin،وبعد ان صار والدا لثلاثة آلهة اخرى في مملكة باطن الارض، سمح له بالعودة الى موطن الالهة Dilmun.
وانليل معروف بإعتباره مصدر إلهام اختراع المعول والمجرفة، (الاداة المحبوبة للسومريين)، كما يعتبر انه هو مصدر النمو، وكان يملك الـــ Me المقدس، الى ان قدمه الى الاله اينكي ليحفظه لديه في مكان آمن الى ان فقده بسبب السكر الى الالهة Inanna، وعلاقة انليل بالالهة An، يمكن تشبيهها بعلاقة نائب الرئيس بالرئيس.
وأيضا عندما كانت آن مشغولة بأمور السماء كان انليل الذي يقوم بإدارة شؤون الارض بالنيابة عن آن، مع زوجته Ninlil or Sud، اصبح والد لإله القمرNanna وباللغة الاكدية Sin، وابنه الاخر Ninurta، بالاكدية Ningirsu، وهو احيانا والد الالهة Nergal، ربة الحبوب، ومن علاقته الثانية Ereshkigal اصبح والد Namtar.
كما يعتبر انليل في الاصل حامي مدينة Nippur ، ففي فترة مبكرة (حوالي 3000 سنة قبل الميلاد) اصبحت مدينة نيبور المركز السياسي لمنطقة جغرافية كبيرة، و الالواح التي اكتشفت في حفريات جرت مابين 1888-1900 من قبل Messrs Peters and Haynes، تشير الى ان انليل كان معبودا في معابد واسعة.
ومن بين الالقاب التي تطلق عليه نجد " ملك الاراضي " ملك السماء والارض"ابو الالهة"، و معبده الرئيسي في نيبور كان معروفا بإسم الزقورة Ekur، وتعني " بيت على الجبل"، والصراع على حيازة المكان المقدس وصل الى درجة النزاع بين البابليين والاشوريين حتى ايامهم الاخيرة حرصا منهم على التسابق لتعظيم الامكنة المقدسة واسم Ekur اصبحا موازية للقداسة نفسها كما هي القدس او مكة اليوم.
ومع اتساع ارقاع الامبراطورية وازدياد اهمية بابل تخلت نيبور عن مركزها الى المركز الذي يمجد مردوخ، لتنتقل القاب ورموز انليل الى مردوخ. ولكن انليل لم يفقد تماما كل نفوذه السياسي، إذ اصبح يرمز الى ثلاثة اقسام " الارض ، والسماء، والماء" ، إذ اضيف في الاعلان الالهي ان الارض هي منطقته وصلاحيته الالهية.
ختاماً لايوجد شك في ان مركز انليل المستمد من كونه الرمز الثاني في الثالوث المقدس هو الذي حفظه من النسيان، والتي ابقت طقوسه حية وجعلت حتى اشوربنيبعل يقدم له القرابين والضحايا،و في القديم كان الاعتقاد سائد لدى الباحثين ان انليل يشار اليه بتعبير bel وتعني " السيد ، المالك" بشكل اكثر من بقية الالهة، ولكن ظهر ان هذا الامر غير صحيح، لأن الإله البابلي المسمى مردوخ هو الاله الذي اطلقت عليه صفة bel اكثر من البقية في نهاية الفترة البابلية والاشورية، وهو ذاته الاله الذي يظهر في الوثائق الاغريقية واللاتينية بتعبير Belus or Belos، وهذا الخطأ جاء بسبب ان الدراسات القديمة كانت تشير الى انليل على انه بيل قديما، والى مردوخ على انه هو بيل في شبابه.
المصدر : كتاب سومر أسرار السماء والأرض - د. خزعل الماجدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق