منذ بداية الألف الثالث ق.م ، كانت في سومر حياة برلمانية راقية ، ففي حوالي حوالي 3000 ق.م اجتمع أول برلمان معروف في دورة علنية وكان مؤلفا ً ، مثل برلمانات أيامنا هذه ، من مجلس الشورى أو مجلس الشيوخ ومن مجلس العموم أو النواب وذلك قبل أن تولد الديمقراطية اليونانية بألفي عام كاملة.
أما فعالية هذين المجلسين فيمن أن نستخلصها من ملحمة كلكامش وأكا ، التي تكشف لنا أن بلاد سومر في غضون الألف الثالث قبل الميلاد كانت مؤلفة من عدد من الدول - المدن - المتنافسة والمتنازعة فيما بينها على كسب السلطة والسيطرة على جميع البلاد، وكانت كيش من أهم دول المدن ، وهي الدولة - المدينة - التي كانت تسلمت الملكية - كما جاء في الأساطير السومرية من السماء بعد الطوفان مباشرة.
وكانت بين هذه الدول - المدن - دولة - مدينة أخرى هي أوروك إلى الجنوب من كيش ، وكانت تتعاظم في السلطان والنفوذ السياسي حتى بلغ بها الحال أن أخذت تهدد سلطان كيش على بلاد سومر كلها، فأدرك ملك هذه المدينة الأخيرة عندئذ مبلغ الخطر ، وهدد أهل أوروك بشن الحرب ضدهم إذا رفضوا الإعترف به سيداً عليهم، وفي هذه الأزمة العصيبة التأم مجلسا أوروك في جلسة للأختيار بين السلم بأي ثمن أو الحرب مع السيادة .
إن قصة النزاع هذا هو ماتصوره ملحمة " كلكامش وآكا " التي كان أبطالها البارزون ، آكا آخر حاكم في سلالة كيش الأولى ، وكلكامش ملك أوروك ، وتبدأ القصة بذكر وصول الرسال الذين أرسلهم آكا إلى مدينة أوروك وهم يحملون أنذارا ً نهائيا ً إلى ملكها كلكاش ، ولكن قبل أن يجيب هذا الأخير على الأنذار نراه يقصد مجلس الشيوخ المنعقد .
- عرض السيد كلكامش الأمر على مجلس شيوخ المدينة وقال لهم :
علينا ألا نذعن لبيت كيش ولنحارب بالسلاح .
ولكن مجلس الشيوخ في المدينة المنعقد أجاب كلكامش .
نذعن لبيت كيش ولا نحارب بالسلاح .
أما كلكامش ، الذي حقق أعمال البطولة من أجل اينان فلم يسر لكلمات شيوخ المدينة .
أن كلكامش مرة أخرى،عرض الأمر على مجلس المحاربين في المدينة - مجلس العموم - وطلب إقرار كلمته :
فأجاب مجلس المحاربين كلكامش :
ولنضربه بالسلاح ،وعندئذ سر كلكامش لكلام محاربي مدينته وابتهجت روحه .
ويبدو أن النزاع سوي فيما بين الطرفين بطريقة سلمية كما تؤكد الملحمة .
أعداد وتنسيق ونشر مركز كابارا الثقافي - جميع الحقوق محفوظة@2016
المصدر : مجلة الثقافة ، الكاتب : إيلي سعادة ، العدد 26 لعام 1996 ، الصفحات 82 ، 83 ، 88 ، 89 ، 90 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق