نتابع في هذا الجزء الحديث عن الفن في الشرق القديم ونضيء على أهم جوانبه التي أبدع فيها القدماء ، حيث تحدثنا في الجزء الأول عن الفخار والأختام ، والمنحوتات الوثائقية التي أبهرت العالم واليوم نتابع ..
المرأة في الفن
وكان للمرأة نصيب من اهتمام فن النحت في الشرق، ومن أجمل التماثيل النسائية الشرقية تمثال نصفي يمثل «نينالا Ninalla» زوجة الملك «جوديا»، يغطي رأسها منديل، ويزين عنقها خمسة عقود، وتبدو ملابسها جميلة مطرزة ، كذلك نقلت التماثيل التدمرية حرفية وعراقة الفن التدمري وزينة المرأة التدمرية حيث أظهرت التماثيل التدمريات وهن يرتدين الحلي والمجوهرات وطريقة تصفيف الشعر وصلتنا بحرفية من خلال طريقة النحت التي برزت فيها كافة التفاصيل .
ملوك خلدهم الفن
وفي متحف اللوڤر إناء فضي ثمين وجميل له قاعدة وتزينه صور محززة، يبدو بينها نسر ضخم باسطاً جناحيه الكبيرين، وكان الملك «آنتيمينا» قد أهداه إلى معبد الرب «نينجرسو»، وهناك وعاء من الحجر يزينه تنين وثعبانان متداخلان.
ويعد «نصب حمورابي» من حجر البازلت من أهم روائع فن الشرق القديم، عليه نصوص «قوانين حمورابي» وفي أعلاه مشهد الملك حمورابي يتلقى شارات السلطة من رب العدل والنور «شمش»، وهناك تمثال رأس رب بلحية طويلة وبملامح إنسانية.
استخدام المعادن
واستخدم الفنان في الشرق القديم معادن النحاس والبرونز والذهب والفضة في إبداع روائع النحت. وتخيل «روح الشر» بشكل كائن خرافي مجنح له ملامح قبيحة اسمه «بازوزو Pazuzu» فأبدع تمثالاً له من البرونز، وعثر في أورارتو على لوحة نذرية من البرونز تمثل رباً مجنحاً فوق حيوانه الرمزي وأمامه شخص متدثر برداء طويل.
ويعد تمثال الملكة العيلامية «نابيراسي Napirasu» من النحاس وبالحجم الطبيعي من أهم تماثيل فن الشرق القديم، وفيه تبدو الملكة ضامة يدها فوق بطنها، وهو محفوظ في متحف اللوڤر ووزنه 1750كغ، واهتم الفنان واعتنى بجمالية عروة الأواني المعدنية فجعلها بشكل حيوان مجنح، وأظهرت التنقيبات في أگاريت صحناً ذهبياً يمثل مشهد صيد، يبدو الملك في عربته بيده قوسه ويطارد الحيوانات كالغزلان وغيرها، وعثر في موقع «بالاوات» في شمال العراق على صفائح معدنية للأبواب تمثل المشاهد المستوحاة من الحياة في بلاد آشور وكل ما يتعلق بالمعسكر والحصار، وهناك لوحة معدنية تمثل الطقوس الدينية لأغراض طبية كطرد شيطان «فيروس» المرض.
الروائع العاجية
أما روائع العاج، فقد عثر في أغاريت على جزء من «عرش الملك» تزينه المشاهد المختلفة المستوحاة من الحياة في القصر الملكي، وعلى تمثال صغير من العاج يمثل «امرأة تعزف» على آلة الدف، و«مائدة عاجية» مزينة بالأسود والحيوانات الخرافية والعناصر الزخرفية المختلفة ، وعثر في «أرسلان طاش» Arslan Tash في سورية على لوحات عاجية صغيرة تمثل ولادة جوروس، ورأس امرأة يطل من نافذة يرمز إلى الروح المطلة على عالم الأحياء.
فن التصوير
وبعد ما كان الفنان في الشرق القديم يبدع صوره على الأواني الفخارية اتجه إلى إبداع روائعه الجدارية في القصور الملكية كقصر ماري، الذي تزين جدرانه مشاهد تصوير تمثل الملك «زمري ليم» يتلقى شارات السلطة من الربة «عشتار»، ومشهد قطاف التمور من أشجار النخيل، ومشهد «ربة الخصب» تحمل بيدها وعاء تنبع منه المياه.، وهناك مشهد «أضحية يمثل الملك بقامته الضخمة على رأس أشخاص يجرون ثوراً للأضحية، وقد دفعت الرسوم الجدارية في «معابد دورا أوروبوس» الباحثين إلى تسمية هذه المدينة باسم «بومبي الشرق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق